الصور تتحدث

الخميس، 1 يناير 2009

تماثيل مدينة جدة وجمعية الإصلاح في الكويت!!



كتبت – شعاع القاطي (كونا):

استضافت مكتبة بوشهري الفنية في مستهل موسمها الثقافي الأول الفنان التشكيلي سامي محمد، الذي تحدث عن مسيرته مع الفن منذ أواخر خمسينات القرن الماضي حتى الآن، فاتحاً قلبه لهموم الحركة التشكيلية التي تعانيها البلاد حالياً.

أكد الفنان التشكيلي سامي محمد أن الفن رسالة جدية وتحتاج إلى مثابرة واستمرار، موضحا أن مسيرة الفن التشكيلي في الكويت الآن "تسير ببطء إذا ما قورنت بالفترات الماضية، فالجدية كانت موجودة في السابق بينما لا نراها الآن في الجيل الحالي".

وقال ان هذا يعتمد على الأفراد ومدى اهتمامهم بالساحة الثقافية والإبداع، وكذلك على المسؤولين الذين تقع على عاتقهم مسؤولية الاهتمام بالفن والثقافة بشكل عام من أجل الارتقاء بالإنسان الكويتي وتنمية الحس الجمالي لديه وتذوقه لمختلف أنواع الفنون، مشيرا في هذا السياق إلى أن الفن التشكيلي الكويتي في بداياته كان يعج بروح عالية ومندفعة نحو التطوير وتقديم المتميز. وقال: "أتمنى أن تعود الروح إلى الفنانين التشكيليين كما كانت في بداياتها وبالمنهاج نفسه، تكاتف.. تواصل.. ومنافسة شريفة".
وأضاف أن هذه مسؤولية الفنان بالدرجة الأولى. بالتأكيد بعضهم يتبناها كقضية ولكن للأسف بعضهم يأخذها "برستيج".



البدايات

وتحدث سامي محمد عن بدايته مع الرسم قائلا ان البداية مع المرسم الحر في عام 1958، موضحا أن الهدف من إنشائه "ليكون تمهيدا لإنشاء كلية للفنون الجميلة، لكن هذا الهدف لم يتحقق حتى الآن"، مشيرا إلى دخوله المرسم الحر "كهاوٍ" لينتقل بعدها إلى التخصص والاحتراف والدارسة للفن التشكيلي.

وقال ان المرسم الحر انبثق عنه معرض الربيع الأول لكنه توقف بعد ذلك عند المعرض الثامن، "فقد كان المعرض الوحيد في الكويت وكان يضم مدرسي التربية الفنية في وزارة التربية وكذلك الهواة من الطلبة وغيرهم، وكان يقام في مدرسة المباركية لكنه توقف في عام 1966".



وقال ان بعد المرسم الحر بدأت الفكرة تتحول إلى شيء أكبر، وهو تأسيس جمعية للفنون التشكيلية، فقد كانت لقاءات الفنانين التشكيليين تنصب من إجل إشهار الجمعية، وفي ذلك الوقت تفهم المسؤولون ضرورة إنشاء الجمعية، وحينها كان عدد الذين ساهموا في إشهارها 14 فنانا، ليتم إشهارها في عام 1967 والتي من خلالها انطلقت المعارض، التي كانت تقام في الاغلب في المدرسة المباركية أيضا.

المرسم الحر كان فكرة عبدالعزيز حسين، وكانت للمرسم الريادة على مستوى الخليج العربي بل أصبح مؤثرا جدا، وبعدها توالت المراسم في دول الخليج في حقبتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.

وفي عام 1972 تم انتدابي لدى جامعة الكويت لتأسيس مرسم حر للطلبة، وقد شارك في هذا المرسم عدد من الطلبة وتم من خلاله إقامة معرض الربيع تيمنا بمعرض الربيع الذي توقف في منتصف الستينات.



النحاتون في الكويت أربعة

وعن مسيرة حركة النحت في الكويت، قال محمد: "نحن أربعة نحاتون في الكويت سامي محمد، حميد خزعل، عيسى صقر، جواد بوشهري"، بدأنا كهواة بعدها درسنا النحت وأصوله في الخارج في مصر وبريطانيا وأميركا، وبعد عودتنا تبنى كل واحد منا مجالا خاصا به.

وأضاف: "اتجهت أنا إلى المعاناة الإنسانية، واتجه عيسى صقر إلى البيئة وكل ما يهم التراث، وكذلك خزعل اتجه إلى تبني قضايا البيئة والتراث، بينما اتجه بوشهري إلى الفن الحديث". وأوضح أن البدايات وقبل الدراسة "كنا نصنع المنحوتات ونضعها في المدراس، لكن هذه المنحوتات كانت تجد معارضة لعرضها في الميادين العامة، لذلك كانت كل الأعمال المنحوتة لتخليد شخصيات تاريخية مثل ابن رشد والخليل بن أحمد، كنا نبعث بها إلى المدارس، لكن للأسف أغلب التماثيل تم تكسيرها لأن هذا الأمر يخضع لرأي ناظر المدرسة أو بعض أولياء الأمور الذين كانوا يطالبون بإزالة وتكسير هذه المنحوتات "بعضهم يراها حراما".



النحت مظلوم

وبحسرة قال ان "النحت في الكويت مظلوم بسبب المسؤولين لأنهم لم يهتموا بهذا الفن"، موضحا أن "فن النحت يخلد حقبة من الزمن، وخير دليل على ذلك الفراعنة الذين خلدوا من خلال فن النحت".

وفي هذا الشأن قال ان الكويت "تنقصها اللمسة الجمالية"، موضحا أن الشوارع والأماكن العامة خالية من المنحوتات الجمالية التي تعبر عن البلد وتاريخه وحضارته"، مؤكدا أن اللمسات الجمالية "تأتي من خلال المسؤولين الذين لهم باع في مجال تجميل المدينة، سواء المسؤولين في البلدية أو مسؤولي المجلس الوطني أو أي جهة تدخل ضمن اختصاصاتها جماليات المدينة.. الكويت عامرة بالمثقفين لكن ليس هناك تطبيق، كما أن الدولة لم تستفد من الفنانين في تجميلها ولم ينادِ المسؤولون فنانا ليجمل الساحات والأماكن العامة".

وقال: "لم يستغلني أحد خصوصا بعد أن صرفت الدولة علي وتعلمت لكنها لم تستغلني.. لم يتسغلني أحد"، مشددا على أهمية التركيز على تجميل المدينة والأماكن العامة لما له من رفع الذوق العام لدى الناس.

تجربة سعودية

وفي هذا الشأن أشار محمد إلى تجربة السعودية في اقتناء منحوتات هنري مور وعرضها على شاطئ جدة "أتمنى تطبيق هذه التجربة في الكويت". وقال: "بالفعل كان هناك توجه لتطبيق الفكرة وكُلفت مع الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في عام 1988 للذهاب إلى السعودية والاطلاع على هذه التجربة لتطبيقها في الكويت، ورفعنا تقريرا كاملا عن الوضع في السعودية وكيفية إنشاء الصروح على الشاطئ، إلا أن الغزو العراقي أوقف هذا المشروع، واستمرت الحال حتى هذه الآن".

مجسمات تسويقية وإعلان

وقال: "تزيين الشوارع بالمنحوتات.. هذا من اختصاص المسؤولين وإيمانهم بأهمية النحت في الحضارة، ولكن ما نشاهده الآن هو قيام بعض الشركات بوضع مجسمات هي للتسويق والإعلان وليس لها علاقة بالتزيين والتجميل".

وقال إن "الدولة غير مهتمة بالنحت.. العالم يسعى إلى تعليم وتوجيه وتثقيف الطالب منذ الصغر بمختلف الفنون، فنجدهم يقومون برحلة إلى المتاحف وشرح اللوحات للطلبة وتحليلها، حتى يثقفوا هؤلاء الطلبة. فهذه مسؤولية وزارة التربية في تثقيف الطلبة".

وأشار إلى تجربة له في تعليم الشباب فن النحت وتبنيه لهم قائلا: "كنت مندفعا إلى تعليم الشباب لكن بالمقابل لا يوجد تجاوب منهم.. كان أنشطهم المرحوم محمد الأيوب، كان يسعى ويحاول ليطور من فنه.. لكن القدر.. أما بقيتهم فلم أجد منهم الجدية في التطوير والتعلم، خصوصا أن فناني النحت في الكويت نادرون".

تكسير التماثيل

وفي جوابه على سؤال عن شعوره بفقده المنحوتات التي نحتها طوال حياته الفنية قال بحسرة: "هناك الكثير من الأعمال المنحوتة التي تم تكسيرها وأخرى فقدت وأخرى تلفت، وكم يحز في نفس الفنان أن تكسر أعماله".

وأضاف: "صنعت بعض المنحوتات لشخصيات تاريخية مثل ابن رشد والخليل بن أحمد وغيرها، وأهديتها لبعض المدارس لتوضع في ساحاتها، لكن بعد فترة من الزمن علمت أن هذه المنحوتات تم تكسيرها، بعضها تم تكسيره وبعضها اختفى، بالطبع بعضها كان بناء على طلب أولياء أمور الطلبة بأن تكسر هذه التماثيل، وبعضها كان برغبة ناظر المدرسة في اخفاء هذه التماثيل، لذلك فقد منها الكثير وتم تكسير أخرى.. فكم هو شعور مؤلم أن يفقد الفنان أعماله".



الشيخ عبدالله السالم

وفي حديثه عن تمثال المغفور له الشيخ عبدالله السالم قال إن في عام 1971 قرر المرحوم عبدالعزيز المساعيد رئيس دار الرأي العام أن يتم عمل تمثال للمغفور له الشيخ عبدالله السالم، وفي المرسم كلنا عملنا تصاميم لكن الاختيار وقع على تصميمي.. وبدأت تنفيذه، وقد عملته من الجبس، وكان الافتتاح رسميا إذ حضر رئيس مجلس الأمة حينها خالد الغنيم وأعضاء مجلس الأمة، فقد كانت تظاهرة ثقافية في ذلك الوقت.

رفض البلدية وجمعية الإصلاح

وأوضح أن الهدف أن يوضع التمثال أمام دار الرأي العام في مكان واضح وبارز، ولكن حين كشف الستار عن التمثال وصلتنا معارضة من قبل البلدية وجمعية الإصلاح الاجتماعي حيث عارضوا أن يعرض في مكان بارز.

وبعد مضي وقت من الزمن أصاب التمثال بعض التلف لأنه مصنوع من الجبس، فأخذته إلى بريطانيا لصب البرونز عليه لحفظه لأن الجبس يتلف مع العوامل الجوية.. وهذا أيضا ما حدث مع تمثال المغفور له الشيخ صباح السالم.. فقد كانا عملين يتميزان بالضخامة.

قطر ودبي

وسئل عن القيمة الحقيقة للعمل الفني وحجمه، فقال ان "أهمية كل عمل وقيمته الفنية ليست في حجمه بل في المكان الذي تعرض فيه، فهناك تماثيل صغيرة لكنها تعرض في أهم المواقع في العالم ويستطيع كل الناس مشاهدتها، والعكس أيضا صحيح".

وفي الشأن ذاته أشار إلىتبني دولة قطر لفكرة تكليف نحاتين نحت ملامح بعض الشخصيات وستوضع في أرقى المتاحف لديها، وستكون أعمالا فنية راقية فهذه خطوة جيدة للفن الخليجي.
وذكر أيضا توجه دبي إلى تبني الأعمال الفنية، وقال: عدت أخيرا من لندن بعد أن انتهيت من عمل مجسم سيوضع في برج دبي، فهذا المشروع سيكون ضخما جدا بحيث يضعون في البرج أعمالا فنية ضخمة ونادرة ليكون شكلا فنيا متميزا.

حسرة

ولم تغب الحسرة في نبرة صوته حين قال: "أتمنى أن تعم التجربة الفنية بقية دول الخليج.. أما الكويت فقد كانت سباقة لكن الآن ننظر إلى غيرنا".

المجلس الوطني

في نقاش عام حول دور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في تبني الشباب، اتفق الحاضرون على أن دور المجلس أكبر من تنظيم المعارض العامة والمشتركة فقط، بل إن مهمته أكبر، لأنه الجهة الرسمية في الدولة، لذلك يجب أن يكون دور المجلس أكبر في دعم الفنانين وتبنيهم من دون استثناء، فهناك كثير من الشباب المبدعين والمتميزين الذين يحتاجون الى الدعم المادي والمعنوي لكي يظهر إبداعهم ويستفيد البلد منهم.



وتمنى أيضا أن يكون للقطاع الخاص دور في الارتقاء بالحركة الفنية والثقافية بشكل عام، على سبيل المثال قرار إنشاء مكتبة بوشهري للفنون لتكون مكتبة متخصصة بالفن التشكيلي، فنحن نحتاج إلى المكتبات المتخصصة في هذا الفن وتوفير المراجع والكتب اللازمة ليطلع عليها ليس المختصين وحدهم بل ليستطيع العامة والمهتمون اللجوء إليها للتعرف على الفن التشكيلي ومدارسه المختلفة.